بهدف تشديد الرقابة وتكميم الأفواه ..

النظام السوري يصدر قانوناً بإحداث وزارة إعلام جديدة ممهدا لإصدار قانون الإعلام الجديد

25/4/2024

أصدر النظام السوري القانون رقم / 19/ لعام 2024 القاضي بإحداث وزارة الإعلام، لتحل محل الوزارة المحدثة بالمرسوم التشريعي رقم /186/ عام 1961 بما لها من حقوق وما عليها من التزامات
يهدف القانون، إلى تمكين وزارة الإعلام، من مواكبة التطورات الحاصلة في الأنظمة والأدوات الإعلامية والإدارية حول العالم، وتفعيل دورها بشكل أمثل “إنتاج خطاب إعلامي وطني يستند إلى تاريخ وحضارة الشعب السوري وملتزم بقضايا الوطن والمواطن” وإلى “ضمان حق المواطن بالحصول على الخدمات الإعلامية بأنواعها المختلفة”

كذلك يهدف إلى “ضمان حرية العمل الإعلامي والتعبير عن الرأي في الوسائل الإعلامية الوطنية وفقاً لأحكام الدستور والقانون” و”ربط الإعلام بالمجتمع، بما يعزز الهوية الوطنية والعربية، والتنوع الثقافي”.

وحسب نص القانون تتمثل مهام الوزارة الجديدة  في : وضع الأسس والضوابط الكفيلة بتنظيم قطاع الإعلام  وتحفيز المنافسة العادلة فيه، ومتابعتها، وفقاً للسياسة العامة للدولة” و “التعاون والمشاركة مع القطاعين العام والخاص للاستثمار في قطاع الإعلام والإنتاج الدرامي والأفلام الوثائقية وفق القوانين والأنظمة النافذة”. و لتواصل مع وسائل الإعلام العربية والأجنبية لإيصال سياسة سوريا إلى الرأي العام العالمي و تدريب وتأهيل الكوادر العاملة في الوزارة والجهات التي تشرف عليها، والعمل على إنتاج إعلام إلكتروني متنوع وتفاعلي، وتعزيز المحتوى الرقمي الوطني على الشبكة العنكبوتية.و”تقييم محتوى الأعمال الدرامية والتلفزيونية وتنظيم صناعة الإنتاج الدرامي، ومتابعة المحتوى الإعلامي للمطبوعات الدورية وغير الدورية الداخلة إلى سوريا وتوزيعها بعد التحقق من التزامها بالقوانين والأنظمة النافذة وتعزيز حضور المادة الإعلامية الوطنية في وسائل الإعلام العربية والأجنبية” و”تنظيم عمل دور النشر ومراكز التدريب الإعلامية وشركات الخدمات الإعلامية ومنحها التراخيص اللازمة”.

وحسب نص القانون الجهات مرتبطة بوزارة الإعلام، وهي “وكالة سانا” و”الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون” و”المؤسسة العربية للإعلان” و”مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع” و “المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي” و”معهد الإعداد الإعلامي” و”المعهد التقاني للإعلام والطباعة”.
وحسب نص القانون وتمنح الوزارة التراخيص والاعتمادات لـ”وسائل التواصل السمعي والبصري” و”المطبوعات الدورية وغير الدورية” و”وسائل التواصل على الشبكة” و” وسائل التواصل الاجتماعي” و”وكالات الأنباء” و”مراكز التدريب الإعلامي”. و ترخيص واعتماد وسائل الإعلام بشتى أنواعها المرئية والمسموعة والمكتوبة والرقمية” و”إحداث مكاتب إعلامية خارجية إضافة إلى “شركات الخدمات الإعلامية” و”دور الطباعة والنشر” وغيرهم.

 

التحليل القانوني


البيئية التشريعية لممارسة مهنة الإعلام في سوريا تعتبر الشاغل الرئيسي للنظام السوري ليظل ممسكا بخيوط الإعلام في سوريا الذي ما أنفك عن كونه أداة سلطوية وصوت سلطة الحاكمة وقد اصدر النظام السوري عدة مراسيم و قوانين تعنى بالإعلام في سوريا ورغم ما يروج أن هذه  القوانين عصرية و أكثر مرونة لكي تتماشى مع التطورات الحاصلة في مجال الإعلام والاتصال إلا أنها في الحقيقة  هي حلقة متكاملة يصنعها النظام السوري والهدف منها الهيمنة على مختلف جوانب وقطاعات العمل الإعلامي وتشديد الرقابة وتكميم الأفواه لإحكام القبضة الأمنية بقوة القانون
وسوف نسلط الضوء في هذه الدراسة القانونية على خطوات النظام السوري في هذا الخصوص و كيفية تطويعه للقوانين لخدمة أهدافه في السيطرة و التحكم  بمختلف جوانب وقطاعات العمل الإعلامي في سوريا
قانون الإعلام السابق و إنشاء المجلس الوطني للإعلام

مع بدء الحراك الشعبي المناهض للنظام السوري و تعالي الأصوات بطلب الحرية أصدر النظام السوري  المرسوم التشريعي 108 لعام 2011  والذي بموجب المادة 19 من القانون  تم إحداث “المجلس الوطني  للإعلام ” يرتبط بمجلس الوزراء ويتولى تنظيم قطاع الإعلام طبقاً لأحكام هذا القانون.وينص القانون على تحديد  مهام وسائل الإعلام و إصدار قرارات منح التراخيص و الاعتماد الوسائل الإعلامية على اختلاف  أنواعها (  المطبوعات –  وسائل التواصل السمعي والبصري – وسائل التواصل على الشبكة – شركات الخدمات الإعلامية )
أفضل ما جاء في القانون نص المادة 2  : الإعلام بوسائله كافة مستقل يؤدي رسالته بحرية ولا يجوز تقييد حريته إلا وفقاً لأحكام الدستور والقانون.
ومنحت  مواد القانون الجديد  شكلياً حقوقاً للصحفيين،  إذ ذكر في المادة 6 مع عدم الإخلال بالمسؤولية عما ينشر في الوسائل الإعلامية من محتوى لا يخضع العمل الإعلامي للرقابة السابقة.

والمادة 7 : حرية الإعلامي مصونة في القانون ولا يجوز ان يكون الرأي الذي ينشره الإعلامي سبباً للمساس بهذه الحرية الا في حدود القانون. ولا يحق لأي جهة كانت مطالبة الإعلامي بإفشاء مصادر معلوماته إلا عن طريق القضاء وفي جلسة سرية
و اشارت المادة 11  إلى أن أي اعتداء على إعلامي في معرض تأدية عمله يعدّ بمنزلة الاعتداء على الموظف العام، ويعاقب المعتدي بالسجن
إلا أن المادة (9) نصت على أن يحدد مجلس الوزراء المعلومات التي يحق للجهات العامة عدم الكشف عنها.
والمواد من 12 وحتى 17 حظرت على الصحفيين نشر العديد من المواضيع وهي عينها التي كانت محظورة في القوانين السابقة مثل: المحتوى الذي يمسّ بالوحدة الوطنية والأمن الوطني أو الإساءة للديانات والتحريض على جرائم العنف والإرهاب والأخبار المتعلقة بالجيش والقوات المسلحة وكل ما يمسّ برموز الدولة

وبالتالي لم يأتي المرسوم بجديد من ناحية الحفاظ على حرية الصحفي و حمايته و جاء بنفس العبارات الفضفاضة التي يمكن للأجهزة الأمنية اعتقال أي صحفي حسب ما تفسر عمل الصحفي فالتهم موجودة بقوالب يمكن وضعها على اي عمل ليكون مخالف للقانون و يتهم الصحفي بأنه إرهابي أو مساند للإرهابيين أو يمس الوحدة الوطنية

 

تعديل قانون الإعلام و إلغاء المجلس الوطني للإعلام

رغم أن المجلس الوطني للإعلام مرتبط بشكل مباشر بمجلس الوزراء و يتحكم بقراراته  رئيس مجلس الوزراء إلا ان النظام السوري  أصدر المرسوم التشريعي رقم /23/ لعام 2016 والذي بموجبه  ألغى العمل بأحكام الفصل الرابع من المرسوم التشريعي رقم /108/ لعام /2011/  اي إلغاء المجلس الوطني للإعلام  ونقل كافة المهام والاختصاصات لتي كان يتولاها المجلس الوطني للإعلام إلى وزارة الإعلام مما يؤكد  فشل “المجلس الوطني للإعلام” في تنفيذ المهام المنوطة به حسب القانون كون وزارة الإعلام قبل إلغاء المجلس وتغوّلت على مهام المجلس ما أفقده صلاحيته بموجب القانون ، وحوّله إلى مايشبه اللجنة الاستشارية دون الالتزام برأيه و ينم ذلك عن عقلية النظام الاستبدادية التي تتسم بها كافة الانظمة الشمولية في عدم السماح على منح صلاحيات ولو شكلية لبعض الشخصيات المستقلة من اعضاء المجلس في المشاركة في صنع القرار في مختلف جوانب وقطاعات العمل الإعلامي و جاءت هذه الخطوات التشريعية  تهميدا لإقرار قانون بإحداث وزارة الإعلام الجديدة و من ثم سوف يصدر النظام قانون الإعلام الجديد

قانون إحداث الوزارة الجديدة وتوسيع صلاحيتها

جاءت الخطوات التشريعية التي تم ذكرها سابقا تمهيدا لإصدار قانون  إحداث وزارة الإعلام الجديدة فقد أصدر النظام السوري  القانون رقم / 19/ لعام 2024 القاضي بإحداث وزارة الإعلام، لتحل محل الوزارة المحدثة بالمرسوم التشريعي رقم /186/ عام 1961 بما لها من حقوق وما عليها من التزامات ومنح هذه الوزارة بعد إلغاء المجلس الوطني للإعلام بموجب المرسوم رقم 23 لعام 2016 صلاحيات واسعة للتحكم بكافة جوانب القطاع الإعلامي بما فيها العمل الدرامي و الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.

بداية جاء تشكيل لجنة ثلاثية تضم وزراء الإعلام والاتصالات والسياحة، لدراسة مقترحات اللجنة المكلّفة بصياغة قانون الإعلام دون أن يتم إشراك الصحفيين أو من يمثلهم في مسودة القانون وقد ذكر الصحفي المستقل بلال سليطين لإذاعة شام إف ام الموالية للنظام ( الصحفيون في سورية ضحايا.. وزارة الإعلام لا تثق بهم ولا يحصلون على مناصرة من الجهات النقابية لضمان الحصول على المعلومة)

هذا ما نؤكده تفرد النظام السوري في صنع القرار وعدم إشراك اصحاب المصلحة من الصحفيين و تفضيل  إشراك وزير السياحة الذي لا نفهم ماهو الدور المنوط به في صياغة القانون ووزير الاتصالات الذي دوره تقني لا يمكن أن يقدم إضافة فيما يتعلق بحقوق الصحفيين و العمل الإعلامي بالعموم مما يجعل القانون يشوبه عيب في الشفافية ليكون متوافق مع حقوق الصحفيين وكافة العامين في المجال الإعلامي

جاء القانون في المادة 8  بإحداث اللجنة الوطنية للدراما تشكل اللجنة بقرار من الوزير وتكون برئاسة معاون الوزير المختص، ويتم اختيار أعضائها من الجهات المعنية بالإنتاج الدرامي والتلفزيوني والأفلام الوثائقية والتلفزيونية السينمائية في القطاع العام والاتحادات والنقابات.

منح اللجنة  دور الإِشراف على المحتوى و”دعمه وتوجيهه في خدمة القضايا الوطنية والتنموية”، من خلال تقييم النصوص الدرامية والوثائقية، إلى جانب تقييم النصوص الدرامية وإجازتها نصًا ومشاهدة، ومنح الإذن بالتصوير للأعمال الفنية والدرامية، بعد التحقق من إجازة نصوصها وعرضها وتصديرها مما يجعل القانون يتحكم ويشدد الرقابة على المحتوى الدرامي و خاصة بعد تصوير عرض العديد من المسلسلات التي تفضح إجرام النظام وسلوك اجهزته الامنية في ممارسة أبشع انتهاكات حقوق الإنسان بحق السوريين و بعضها سلط الضوء على فساد السلطة الحاكمة و الفساد المستشري في مؤسسات النظام  وتحكّم فئات معيّنة بموارد الدولة واقتصادها وقرارها مما عمد النظام السوري إلى إصدار هذا لقانون ليجعل الأعمال ادرامية تحت رقابة لجنة  الدراما
عمل القانون بموجب المادة 12 على منح  صلاحيات الوزارة الجديدة  وتحكمها بكافة وسائل الإعلام، بما فيها الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي  وسحبت صلاحيات من بعض المؤسسات الأخرى مثل إتحاد الصحفيين كمنح وثائق إثبات الهوية للإعلاميين وغيرها من الميزات التي تمنحها للصحفي و اصبحت من صلاحيات الوزارة

إصدار قانون الوزارة الجديدة تمهيدا لإصدار قانون الإعلام الجديد

جاء إصدار القانون رقم 19 لعام 2024  بهدف منح صلاحيات واسعة لوزارة الإعلام الجديدة تمهيدا لإصدار النظام السوري قانون الإعلام الجديد ليحل محل القانون رقم 108 لعام 2011 و كان سابقا قد ألغى المجلس الوطني للإعلام ووفق تسريبات القانون الجديد  نشر موقع اثر برس الموالي للنظام  تصرح رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور أن نص القانون الجديد  يتضمن تعديل في نص المادة 2 من القانون السابق : وذلك بحذف كلمة ( مستقل ) لتصبح نص المادة الإعلام بوسائله كافة يؤدي رسالته بحرية ولا يجوز تقييد حريته إلا وفقاً لأحكام الدستور والقانون.
حذف المادة 6 من القانون القديم التي تنص على مع عدم الإخلال بالمسؤولية عما ينشر في الوسائل الإعلامية من محتوى، لا يخضع العمل الإعلامي للرقابة السابقة”

حذف الفقرة (أ) من المادة 7، والتي تقول إن “حرية الإعلامي مصونة بالقانون ولا يجوز أن يكون الرأي الذي ينشره الإعلامي سبباً للمساس بهذه الحرية إلا في حدود القانون”. واستبدلت بعبارة: “حرية الإعلامي مصونة في إطار المبادئ والقيم” فقط.

حذف الفقرة (ب) من لمادة 7 والتي تقول: “لا يحق لأي كان مطالبة الإعلامي بإفشاء مصادر معلوماته إلا عن طريق القضاء وفي جلسة سرية”.
حذف المادة 101 و التي تنص في جميع الأفعال التي تشكل جرائم ويقوم بها الإعلامي في معرض تأدية عمله باستثناء حالة الجرم المشهود لا يجوز تفتيشه أو تفتيش مكتبه أو توقيفه أو استجوابه إلا بعد إبلاغ المجلس أو فرع اتحاد الصحفيين لتكليف من يراه مناسباً للحضور مع الإعلامي ويجري في حالة هذه الجرائم إبلاغ المجلس أو فرع اتحاد الصحفيين بالدعوى العامة المرفوعة بحق الإعلامي وجميع الإجراءات المتخذة بحقه.

بالنظر إلى هذه التعديلات من وجهة نظر قانونية نرى أن الهدف منها نفي صفة  الاستقلال عن الإعلام و جعله تابع للسلطة الحاكمة وبوق يمجد هذه السلطة و رفع الحصانة التي منحها الدستور والقانون للصحفيين و تعريضهم للملاحقة الأمنية بهدف تشديد الرقابة وتكميم الأفواه

التي تنتقد هذه السلطة وجاء قانون إحداث الوزارة الجديدة ممهدا لصدور لقانون الجديد و تحكمها بكافة وسائل الإعلام وجعلها تحت رقابة السلطة الحاكمة

النظام السوري أصدر سابقا قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية

 

أصدر  النظام السوري القانون رقم 20 لعام 2022 تحت مسمى قانون الجريمة المعلوماتية

جاء القانون الجديد بتعديلات جذرية تتلخص بمايلي:

  • فصّل العقوبات والغرامات المفروضة على جرائم مقدمي الخدمات على الشبكة  وذلك بالفصل الثالث من القانون وعلى مرتكبي الجرائم المعلوماتية وذلك بالفصل الرابع من القانون وهو يتضمن تشديد العقوبة في حال كان الجرم واقعاً على جهة عامة، إضافة إلى تشديد العقوبات على بعض الجرائم التي زاد انتشارها وارتكابها من خلال الوسائل الإلكترونية كالذم والقدح الإلكتروني وجرائم المساس بالحشمة أو الحياء وجرائم المخدرات والمؤثرات العقلية
  • تشديد العقوبة الجزائية على كافة الجرائم فأصبحت عقوبة الحبس تتراوح بين شهر حتى خمسة عشر سنة ورفع قيمة الغرامات المالية فأصبحت الغرامات المالية  تتراوح بين مائة الف ليرة سورية حتى خمسة و عشرون مليون ليرة سورية
  • إضافة مواد قانونية لم تكن مذكورة في القانون السابق و هي تترتب المسؤولية القانونية وتشدد العقوبة الجزائية استنادا إلى مواد تم ذكرها في التعديل الجديد لقانون العقوبات بالقانون رقم /15 / لعام 2022  وهذه المواد هي :
    المادة /27 / –  الجرائم الواقعة على الدستور – المادة /28 / – النيل من هيبة الدولة
    مادة لم يتم ذكرها في التعديل الجديد لقانون العقوبات و هي  المادة /29 / – النيل من مكانة الدولة المالية لم يتم التطرق لها في التعديل المذكور لقانون العقوبات و جاءت بذكر صريح في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية
  • تم تشديد العقوبات للجرائم في  المواد 26-27-28 // فأصبحت العقوبة لهذه الجرائم تترواح من 3 سوات حتى 15  سنة و الغرامة
    من ( 5000000) ل.س خمسة ملايين ليرة سورية حتى (15000000 ) ل.س خمسة عشر مليون ليرة سورية
  • الطامة الكبرى أن القانون جاء مطاطا في عباراته فلم يقيد المشرع السوري الملاحقة القضائية بتصرفات محددة لماهية المنشورات من شأنها النيل من هيبة الدولة أو المساس بالوحدة الوطنية. أو عبارة  زعزعة الثقة في أوراق النقد الوطنية  أو عبارة تغيير الدستور بطرق غير مشروعة أو سلخ جزء من الأرض السورية لذلك ترك الباب مفتوحا للأجهزة الأمنية  لتفسير النص على إطلاقه لملاحقة منتقدي النظام وتكميم الأفواه فهو لم يفصل أبدا بين الحريات العامة وحق الرأي والنشر، وإنما جاءت مواده “عامة ومطاطة وقوالب جاهزة تصلح لتلفيق التهم لأي شخص منتقد أو معارض لها النظام ويعد القانون وسيلة النظام لاعتقال الأصوات المنتقدة والمعارضة له على وسائل التواصل الاجتماعي. فهو تبيح لأي سلطة أوجهة أمنية أو قضائية حق الاعتقال والحبس
  • جاءت المادة /40 / تحريك الدعوى العامة من القانون وأعطت للنيابة العامة سلطتها التقديرية في إقامة دعوى الحق العام لذلك يعود الحق للنيابة العامة بتحريك الدعوى في كل من الأجرام المنصوص عليها في المواد / 27-28-29/ من قانون الجرائم الإلكترونية مما يجعل هذه المواد بتفسيرها الفضفاض أداة لتلفیق التھم معدة بقالب مسبق یناسب كل المعارضین و المنتقدین ويجعل هذا القانون سيفا مسلط على رقاب السوريين يمنعهم من الانتقاد و يصادر حرياتهم الشخصية التي كفلها الدستور وينتهك معايير حقوق الإنسان والدستور السوري ولا بطابق أدنى المعايير القانونية لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية المعتمدة في معظم دول العالم والتي تراعي حقوق الإنسان و حرية الرأي و التعبير والتي كفلها الدستور السوري و القوانين والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الجمهورية  العربية السورية كالعهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و يعتبرھذا القانون وسيلة النظام السوري لجعل المواطن السوري ضمن الخطوط الحمراء التي فرضھا النظام بھذا القانون لیرسخ سیاسیة تكمیم الأفواه و مصادرة الحریات الشخصیة و منع منتقدیه من حق حتى معارضته  حتى عبر الفضاء الافتراضي

سوريا تتذيل الترتيب العالمي

سويا تتذيل للترتيب العالمي حسب مؤشر حرية الصحافة لعام 2023
حسب تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” المؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي لعام 2023، و الذي يقيم المؤشر حالة حرية الصحافة في 180 دولة ومنطقة سنوياً. جاء ترتيب سوريا في المرتبة 175 متذيلة الترتيب العالمي وشددت المنظمة على غياب الصحافة الحرة في مناطق سيطرة النظام السوري، يُمنع المراسلون من الوصول إلى مساحات كاملة من الأراضي. يتعامل النظام مع وسائل الإعلام كأداة لنشر الأيديولوجية البعثية ويستبعد أي شكل من أشكال التعددية، مما يدفع العديد من الصحفيين إلى المنفى الاختياري

بناء على ما سبق ذكره والتحليل القانوني للقوانين و المراسيم التي أصدرها النظام السوري ترى FSLA

  • هنالك  خللا في البيئة التشريعية في سوريا فالنظام السوري يبسط  سيطرته على مجلس الشعب المنوط به وفق الدستور بإصدار القوانين لمصلحة الشعب السوري ولكن في الحقيقة تم  تطويعه لإصدار القوانين و التشريعات لمصلحة السلطة الحاكمة و استبعاد أصحاب المصلحة في المشاركة في صياغة النصوص لهذه القوانين والتي يكفل اشراكهم كافة القوانين الدولية كالعهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و لثقافية و التي وقعت سوريا عليه و التزمت بميثاقه
  • يثبت التحليل القانوني الذي تم سرده في هذه الدراسة إن إصدار النظام لهذه القوانين لم يكن بشكل عبثي أو اعتباطي و لكن بشكل مدروس ومخطط له ابتداء من إصدار قانون الإعلام القديم حتى إصدار قانون أحداث وزارة الإعلام الجديدة و تمهيدا لإصدار قانون الإعلام الجديد وما تخلل ذلك من قوانين و تشريعات و تعاميم الهدف منها  السيطرة و التحكم بالمحتوى الإعلامي في سوريا بجميع أشكاله، ابتداء من نشاط وسائل الإعلام والدراما ومواقع التواصل الاجتماعي  وإحكام القبضة الأمنية على كل من يخالف أو ينتقد  الرواية البعثية الرسمية ولا يمجد السلطة الحاكمة وغياب الصحافة الحرة و تحويل لصحافة  لأداة بيد السلطة  الحاكمة والهيمنة على مختلف جوانب وقطاعات العمل الإعلامي
  • إن النصوص القانونية تمنح صلاحيات واسعة للسلطات التنفيذية ممثلة بوزارة الإعلام لتحكمها بكافة وسائل الإعلام، بما فيها الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي
  • العقوبات التي نصت عليها القوانين تهدد حرية العمل الصحفي وتعتبر مزيدا من التضييق على حرية الصحافة و كافة وسائل العمل الإعلامي بالإضافة تعتبر تفويض بقوة القانون للأجهزة الأمنية لاعتقال كل من لا يكون طوعا لتعليمات السلطة الحاكمة وتلفيق التهم بموجب قوالب جاهزة تكفلها النصوص التشريعية لهذه القوانين لإنزال اشد العقوبات بحق المنتقدين
  • لا يمكن النظر في واقع الانتهاكات التي تمارس ضد الصحفيين في سوريا بمعزل عن واقع حقوق الإنسان في سوريا في العموم الذي يجسد أبشع أنواع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي مارسها النظام السوري ضد الشعب السوري
  • إن هذا النظام و تركيبته الأمنية و سيطرته على السلطة التشريعية و القضائية غير قابل للإصلاح بأي شكل من الأشكال و لا حل أمام السوريين سوى بتحقيق الانتقال السياسي الفعلي الذي سعى له السوريين منذ انتفاضتهم ضد هذا النظام ومنظومته التي حكمت سوريا لأكثر من 50 عاما بالحديد و النار وقدموا كل انواع التضحيات لتحقيق هذا الهدف فلا حل في سوريا دون تحقيق هذا البند بالتوافق على دستور يمثل السوريين جميعا تكون مبادئ حقوق الإنسان جزءًا أصيلًا منه تحترم وتصان فيه حرية و كرامة المواطن السوري و تلغى كافة النصوص التي تعطي تحكم السلطة التنفيذية بالقرار في الدولة و تصادر صلاحيات السلطة التشريعية و القضائية وتحقيق العدالة الانتقالية بتشكيل حكومة منتخبة شرعيا التي تمثل الإرادة الحقيقة للسوريين و التي تشكل العقد الاجتماعي الذي سوف يتوافق عليه السوريين لبناء سورية المستقبل لكل السوريين و تحقيق السلام الدائم

 

Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram